اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48797 مشاهدة
أنواع الأنساك وأفضلها والنسك الذي أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-

إذا وصل الحاج إلى أحد المواقيت التي ذكرناها في أشهر الحج وهي : شوال، وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة، وكان مريدا للحج من عامه فإنه مخير بين ثلاثة أنساك:
الأول: التمتع وهو أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج.
وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن تقول: (لبيك عمرة).
ويستمر في التلبية حتى يصل مكة فإذا شرع في الطواف قطع التلبية، وبدأ بأعمال العمرة، فإذا طاف وسعى وحلق أو قصر تمت عمرته، وحلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة (وهو يوم التروية) أحرم بالحج وحده، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك حجا).
الثاني: الجمع بين العمرة والحج: (ويسمى القران): وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا في أشهر الحج، أي: يقرن بينهما، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك عمرة وحجا).
أو يحرم بالعمرة أولا: من الميقات فيقول: (لبيك عمرة) وقبل أن يشرع في الطواف يدخل الحج عليها ويلبي. فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، ثم سعى سعي الحج، وله تأخير هذا السعي بعد طواف الإفاضة، ولا يحلق أو يقصر، بل يبقى على إحرامه حتى يحلّ منه بعد التحلل يوم العيد.
الثالث : الحج وحده : ( و يسمى الإفراد): و هو أن يحرم بالحج وحده من الميقات في أشهر الحج، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك حجا) ، وله تأخير السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة.
فائدة: عمل المفرد كعمل القارن سواء بسواء إلا أن المفرد بالحج وحده ليس عليه هدي، أما القارن وهو المحرم بالعمرة والحج معا فإن عليه الهدي.
الحاج مخير بين هذه الأنساك الثلاثة، والدليل حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنّا من أهلَّ بعمرة، ومنَّا من أهلَّ بحجٍّ وعمرة، ومنَّا من أهلَّ بالحج… الحديث وغيره من الأَدلة.
ولكن الأفضل من هذه الأَنساك هو (التمتع) لمن لم يكن معه الهدي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال بعد أن سعى بين الصفا والمروة لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه الهدي فليحل وليجعلها عمرة… الحديث.
أما من ساق الهدي معه من بلده فإن القران أفضل في حقه؛ لأنه النسك الذي أحرم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا شك أن سوق الهدي في هذا الزمان فيه حرج ومشقة، فلذا كان الأفضل هو التمتع لما فيه من اليسر والسهولة.
أما من كان قارنا وكذا المفرد فالأفضل له إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا و المروة ولم يسُق الهدي من بلده، أن يجعلها عمرة فيقصر أو يحلق ويكون بهذا متمتعا، كما فعل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمره في حجة الوداع ولكن الأفضل لمن اعتمر في رمضان أو قبله ثم جاء متأخرا الإفراد ففيه الإتيان بالعمرة في سفر والحجة في سفر وهو الذي يختاره الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم -.
النسك الذي أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-
ذكرنا أن النسك الذي أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم- هو (القران) وهو الجمع بين العمرة والحج بتلبية وإحرام واحد دون فصل بينهما، وهو النسك الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لنبيه، ولا يختار الله لنبيه إلا الأفضل ، فإنه -صلى الله عليه وسلم- ساق الهدي معه، وهذا هو الذي منعه من التحلل بالعمرة ، وأن يفعل مثل الذي أمر به أصحابه.